مقالات

مع قرب الذكرى السنوية الأولى لها.. مختصون: مسيرات العودة أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية دولياً، وندعو لتطويرها

قال مختصون في الاعلام الدولي والعلاقات الدولية بأن مسيرات العودة وكسر الحصار أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية، مؤكدين على ضرورة استمرارها وتعزيزها بوسائل جديدة.

جاء ذلك خلال ندوة حوارية عقدها مجلس العلاقات الدولية بالتعاون مع قسم الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية بغزة صباح أمس السبت بعنوان ” مسيرة العودة بعد عام .. تأثيراتها على المستوى الدولي إعلامياً وسياسياً ” حضرها لفيف من المهتمين والأكاديميين والطلبة.

 وشارك في الندوة من لندن البروفيسور كامل الحواش رئيس حملة التضامن مع فلسطين في بريطانيا والأستاذ زاهر بيراوي رئيس منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني ومن غزة الدكتور أمين وافي الأستاذ المشارك في قسم الإعلام الدولي بالجامعة الإسلامية.

وفي بداية الندوة رحب الدكتور أيمن أبو نقيرة رئيس قسم الصحافة الإعلام بالجامعة الإسلامية بالحضور وأكد على أن مسيرات العودة كانت فكرة إبداعية عظيمة ابتكرها الشعب الفلسطيني خلال مسيرة نضاله نحو التحرر من الظلم والاحتلال الإسرائيلي.

من جانبه أكد د. باسم نعيم رئيس مجلس العلاقات الدولية، بعد الترحيب بالحضور والضيوف، أن مسيرات العودة جاءت في وقتها المناسب، حيث تعاني القضية الفلسطينية بشكل عام من محاولات الشطب، وداخليا من الانقسام وتداعيات الحصار البغيض.

وأضاف نعيم بأن المسيرات وجهت رسائلها في أكثر من اتجاه، أولاً للاحتلال كي تؤكد له تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه وثوابته واستعداده للتضحية من أجلها بكل شيء، وثانياً للمجتمع الدولي بضرورة إعادة الاعتبار لقضيتنا العادلة ودعم نضال الشعب الفلسطيني، وضرورة فك الحصار لظالم عن قطاع غزة وإنهاء المأساة الإنسانية.

من جانبه قال الدكتور كامل الحواش بأن مسيرات العودة في جذب الاهتمام نحو معاناة الشعب الفلسطيني في غزة ولفتت نظر العالم إلى القضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال البشعة ضد الفلسطينيين السلميين وخير دليل هو التقرير الأخير الصادر عن الأمم المتحدة الذي أشار إلى ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب، مشيراً إلى أن عدم تبني الجهات الرسمية الفلسطينية لهذه المسيرات بل ومهاجمتها قد أضعف من تأثيرها دولياً نوعاً ما.

أما رئيس منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني زاهر بيراوي قال بأن وسائل الإعلام الدولية سلطت الضوء بشكل كبير على مسيرات العودة منذ بدايتها وحتى شهر يونيو من العام الماضي، وأن أنسنة قصص بعض الشهداء قد ولدت تعاطفاً لدى الشعوب الغربية مع المسيرات، ولكنه أشار في نفس الوقت بأن ماكينة الاحتلال الدعائية نجحت نوعاً ما في تشويه هذه المسيرات خاصة مع استخدام الفلسطينيين لبعض الأساليب المشروعة ولكن العنيفة.

من جانبه قال الدكتور أمين وافي بأن وسائل الاعلام الرئيسية العالمية غطت مسيرات العودة بكل كبير في بدايتها وبلغت ذروة التغطية أثناء افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، قائلاً بأن حصد العديد من الصحفيين الفلسطينيين على جوائز عالمية لتغطيتهم المسيرات يعكس بشكل واضح الصورة التي تركتها المسيرات في وعي العالم العام الماضي.

وفي نهاية الندوة دعا المختصون إلى المحافظة على استمرار مسيرات العودة وكسر الحصار وتعزيزها بوسائل إبداعية جديدة، وإلى المحافظة على سلميتها، والبعد عن الحزبية. كما ودعوا إلى محاولة الوصول للإعلام الدولي عبر القضايا الإنسانية التي يفهمها العالم، والتركيز على القصة الصحفية والفيديو والصورة المعبرة.

ووجه المشاركون دعوة في ختام الندوة إلى وسائل الإعلام الرسمية الفلسطينية والسفارات بالخارج للمشاركة في دعم هذه المسيرات ونقل معاناة الشعب الفلسطيني باللغة التي يفهمها العالم.

من هو “شاي ماسوت” بطل مسلسل فضائح السفارة الإسرائيلية في لندن؟

إنه شاي ماسوت، الذي وجد الراحة والدعة في منصبه كمسؤول سياسي في السفارالإسرائيلية في لندن، إلا أن أساليبه المكيافيلية ما لبثت أن قادته إلى نهايته.

وصف شاي ماسوت نفسه ذات مرة بأنه رجل ذو “آراء منفتحة” ألزم نفسه بفعل الخير في العالم. ثم وصف نيكولو ماكيافيلي، الرجل الذي اشتهر بترويجه للمكر والخديعة في الممارسة السياسة، بأنه “إلهه”.

لعل ثمة تناقض معبر في توصيف شخصية ما أصبح الآن “المسؤول السياسي” السابق في السفارة الإسرائيلية في لندن. فقد أثار ماسوت موجة من السخط بعد الكشف عن أشرطة مسجلة مساء السبت يظهر فيها وهو يخطط “للإطاحة” بألان دانكن، عضو البرلمان البريطاني والمعارض الشديد لبناء المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية.

إلا أن ثمة فرقا هاما بين ماسوت وإلهه. لم يحصل أن قبض على ماكيافيلي متلبسا بالجرم المشهود. ونتيجة لجرمه هو سوف يغادر ماسوت قريبا جدا المملكة المتحدة، وبينما تعتبر الحكومة البريطانية الموضوع منتهيا، تعد الأيام القادمة بالكشف عن مزيد من التفاصيل المتعلقة بتعاملاته وتدخلاته في المؤسسة السياسية البريطانية.

وفي تصريح أدان تصرفات ماسوت، حاولت السفارة الإسرائيلية تمرير الأمر على اعتباره موظفا صغيرا. إلا أن ماسوت كان قد كشف النقاب عن تفاصيل سيرته الذاتية في المحادثات المسجلة، وكان جليا مما ورد فيها أنه ليس مجرد موظف صغير في السفارة.

من الواضح أن جهودا تبذل لاحتواء الأضرار الناجمة عن هذا الفصل، فقد أزيل معظم ما له علاقة بماسوت على الإنترنت، ولم يعد حسابه في تويتر مفعلا، ولا وجود لصفحته على الفيسبوك، إلا أن لمحة عما يدور في ذهنه يمكن الاطلاع عليها من ملف له حول “التطفل في المبيت” (التنقل بين الأرائك) نشره في عام 2013، وظل متاحا إلى أن رفع من الإنترنت يوم السبت.

حيث ورد في الملف ما يلي:

“معلومات عني: مهتم بالعلاقات الدولية وبالسياسة، أعمل في الميدان منذ عشرة أعوام، وأنوي الاستمرار في التطور في هذا القطاع في المستقبل. أنا تلقائي، وفلسفي، وذو أراء منفتحة، وأقدر الناس الطيبين، وهدفي فعل الخيرات في العالم.

“فلسفتي: كلنا نحسن صنيعا لو عملنا معا. اختلافاتنا لها أهمية، إلا أن الأهم من ذلك هو إنسانيتنا المشتركة.

“الكتب: نيوكولو ماكيافيلي هو إلهي”!

ما هو معروف أن ماسوت خدم في سلاح البحرية لثمانية أعوام، وترقى فيه إلى رتبة رائد. وفي عام 2013 التقطت له صورة لموقع COGAT على الإنترنت، وهو مكتب تابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية، ومكلف بمهمة “تنفيذ سياسة الحكومة في يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) وقطاع غزة”.

ولماسوت صورة وهو يرافق ضيوفا من أفريقيا في جولة حول السياج المحيط بقطاع غزة، وهو يرتدي زي رائد في سلاح البحرية الإسرائيلي أو “سيرين”.

في التصريحات التي أدلى بها في التسجيلات السرية، يقول ماسوت إنه حصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية، ثم عمل في وزارة الدفاع في إسرائيل لمدة عامين.

وبعد فترة من ترقيه إلى رتبة رائد، انتقل ماسوت إلى العمل الدبلوماسي، ويبدو أن أول مهمة له في الخارج كانت في لندن، وذلك بعد أن أعد ملفه حول “التطفل في المبيت”. وأكد في التسجيل أنه يعمل لدى وزارة الشؤون الاستراتيجية، التي تشكل القلب من جهود نتنياهو لمحاربة بي دي إس –الحركة التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، والتي يعتبرها نتنياهو مصدر تهديد وجودي للدولة.

وقال شارحا دوره في الوزارة الجديدة: “الموقع الذي اقترحوا علي القيام به هو أن أكون بمثابة ضابط الاتصال بين الجاليات الدولية حول العالم”.

وعلى الرغم من أنه قال في التسجيلات المسربة إنه لم يكن “دبلوماسيا من الناحية المهنية”، إلا أن ماسوت ما لبث وبسرعة فائقة أن نجح في التزلف والوصول إلى داخل الأوساط الكبيرة في كافة الأحزاب السياسية الكبرى.

وبذلك، أتيحت له فرصة المشاركة في كثير من الاجتماعات، بما في ذلك محادثات -بوصفه “دبلوماسيا” وبوصفه “مسؤولا سياسيا”- جرت في نوفمبر 2015 مع أعضاء من منتدى المسلمين المحافظين. وكان موجودا في نفس الاجتماع إيتان نايح، القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في ذلك الوقت، والذي كان يدير السفارة حينها بدلا من السفير الجديد، الذي ما لبث أن صدر القرار بتعيينه.

كما التقطت لماسوت صورة مع بعض أعضاء مجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب الديمقراطيين الأحرار خلال نفس الشهر.

وفي شهر يوليو من العام الماضي، بعد تعيين مارك ريغيف سفيرا، ظهر ماسوت في صور التقطت لاجتماع آخر مع منتدى المسلمين المحافظين، هذه المرة بصفته “المسؤول السياسي الكبير” في السفارة.

إلا أن الضربة القاضية جاءت لماسوت من علاقته بماريا ستريزولو، المساعدة البرلمانية السابقة لعضو البرلمان عن حزب المحافظين روبرت هالفون، ومن المحادثة التي جرت بينهما حول “الإطاحة” بأعضاء البرلمان البريطاني.

في الجزء الأكثر إدانة في التسجيلات المسربة لمحادثتهم التي جرت في أكتوبر من العام الماضي، يسأل ماسوت: “هلا أعطيتك أسماء بعض نواب البرلمان لعلك تتمكنين من الإطاحة بهم؟”.

“حسنا، كما تعلم، إذا ما تأملت جيدا، فأنا متأكدة من أنه ثمة ما يحاولون التستر عليه”.

قال ماسوت: “نعم، لدي بعض نواب البرلمان”.

قالت ستريزولو: “دعنا نتكلم عن ذلك”.

ماسوت: “نائب وزير الخارجية.” (في إشارة إلى ألان دانكن)

“هل ما زلت ترغب في المضي قدما بذلك؟”

كان رد ماسوت يشوبه الغموض، لكنه قال إن دانكن “يسبب الكثير من المشاكل”.

سألت ستريزولو: “ظننت أننا تمكنا، كما تعلم، من تحييده قليلا، أليس كذلك؟” فيجيبها ماسوت قائلا: “لا”.

السقوط

كانت النتيجة هي النهاية السريعة والمفاجئة لماسوت غير الدبلوماسي والدبلوماسي، وهرولة مؤيديه السابقين وأصدقائه في كل اتجاه؛ بحثا عن مخبأ يؤويهم.

في تصريح للغارديان، قالت ستريزولو: “شاي ماسوت شخص أعرفه اجتماعيا وكصديق. وهو ليس شخصا ممن عملت معهم في يوم من الأيام أو كانت لي معهم أي تعاملات سياسية تتجاوز تبادل أطراف الحديث حول السياسة، كما يفعل ملايين الناس ضمن سياق اجتماعي”.

لم تلبث بعد ذلك أن استقالت من وظيفتها في وزارة التعليم البريطانية، وهي الوظيفة التي لم يمض على التحاقها بها طويلا.

كما حرص ريغيف والسفارة الإسرائيلية على النأي بنفسيهما عن موسات، ولم يعد ذلك “المسؤول السياسي” الذي طالما عرفه الناس بهذا الوصف، وإنما أضحى “عضوا صغيرا” في هيئة العاملين في السفارة.

وفي تصريح صادر عن السفارة يوم السبت، جاء ما يلي: “صدرت التصريحات عن موظف صغير في السفارة، وهو لم يكن دبلوماسيا إسرائيليا، وسوف ينهي فترة عمليه في السفارة في القريب العاجل”.

وهذا التصريح، كما هو مبين، يتناقض مع الدليل الذي توفره التسجيلات المسربة.

ففي التسجيلات يتفاخر ماسوت نفسه بصداقته مع ريغيف، وإن كان في نفس الوقت وفي سلوك ماكيافيلي أصيل، ينتقصه وينال منه من حيث يتظاهر بالثناء عليه.

يقول ماسوت: “مارك ريغيف… نعم، هو صديق حميم. نعم، ولكن…. مارك شخص عظيم، ولكنه ليس ذلك الشخص الذي لديه الاستعداد للذهاب إلى الحرب”.

لربما كان يجدر بماسوت أن يمتثل كلمات “إلهه” ماكيافيلي التي وردت في كتابه المبدع الأمير، حيث يقول:

“الصداقات التي ينالها المرء من خلال المنح، وليس من خلال عظمة ونبل الروح، مع أنها لا بأس بها، إلا أنها ليست حقيقية، ولا يمكن الاعتماد عليها في أوقات المحن”.

* نقلا عن موقع “ميدل إيست آي” – تقرير: غرايمي بيكر – ترجمة: عربي21.

هكذا تعبث سفارة اسرائيل في لندن بالسياسة البريطانية

كشف الكاتب الصحفى ديفيد هيرست مدير تحرير ميدل إيست آي، وكبير الكتاب في الجارديان البريطانية سابقاً، انه قد تم تصوير مسؤول سياسي كبير في السفارة الإسرائيلية في لندن سرا وهو يتحدث عن رغبته في “الإطاحة” بوزير الدولة في الخارجية البريطانية ألان دانكن، المعروف بانتقاده اللاذع للمستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية التي يتم بناؤها في الضفة الغربية.

وقال إن السير ألان، الذي يعدّ واحدا من عدد قليل من الوزراء الذين يصرحون بمعارضتهم للاستيطان الإسرائيلي، يسبب “الكثير من المشاكل”. كما وصف وزير الخارجية بوريس جونسون بأنه “معتوه”. وفي محادثة أخرى جرت مع موظف السفارة، صرح بأن السير كريسبين بلانت، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البريطاني، “على قائمة المستهدفين بالضرب”؛ بسبب آرائه التي تعدّ “منحازة بشدة لصالح العرب بدلا من أن تكون منحازة لصالح إسرائيل”.

كما تتضمن التسجيلات، التي تكشف كيف يمتد النفوذ الإسرائيلي ليصل إلى مستويات عليا داخل حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا، محادثة تصف فيها موظفة حكومية على علاقة بالسفارة الإسرائيلية كيف استخدمت موقعها الوظيفي لتقنع بعض نواب البرلمان بتوجيه أسئلة إلى رئيس الوزراء؛ بهدف الحصول على تأييده لإسرائيل.

أدى الكشف عن التسجيلات إلى رد فعل سياسي مباشر، حيث قال عضو البرلمان السير ديزموند سوايني، الوزير السابق من حزب المحافظين والمعاون البرلماني لدافيد كاميرون: “لا بد من التحقيق في هذا الأمر بشكل كامل وتفصيلي. ما لا يمكننا السماح به هو أن تتصرف إسرائيل داخل بريطانيا بالحصانة ذاتها من المساءلة التي تتعامل بها داخل فلسطين. لا ريب إطلاقا في أن ما نراه هو تدخل سافر ومريب ومعيب في العملية السياسية لدولة أخرى”.

أما كريسبين بلانت، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، فقال في تصريح لموقع ميدل إيست آي:

“في الوقت الذي يعدّ فيه هذا التدخل السافر لممثل دولة أجنبية في العملية السياسية داخل بريطانيا أمرا فظيعا ومستهجنا، ويستدعي فتح التحقيق فيه، فإن الأسئلة الحقيقية ينبغي أن توجه إلى دولة إسرائيل نفسها. لن يتعزز أمن وسلام إسرائيل في المستقبل إذا ما استمر تجاهل الجهد الكبير الذي يبذل داخل إسرائيل وفي أوساط الجالية اليهودية حول العالم من أجل إقامة السلام، وإذا ما استمرت محاولات تقويض السياسيين الأجانب الذين يحملون وجهة النظر تلك ذاتها”.

وقال إن “الإسرائيليين بحاجة لأن يشرحوا لنا ما الذي يجري”.

ثم مضى محذرا من أن “ذلك يثير القلق على نطاق واسع بشأن قيام اللوبي (جماعة الضغط) بالترويج لمصالح الحكومة الحالية في إسرائيل. خاصة أن هذا اللوبي على درجة عالية من المهارة في تصوير أي قلق يعبر عنه سياسي ما تجاه الظلم التاريخي الذي تعرض له الفلسطينيون، وتجاه التداعيات بعيدة المدى لذلك على السلام والأمن في المنطقة على أنه عداء للسامية. من شأن ذلك أن يضر بالنقاش العام وبمصالح إسرائيل نفسها”.

وقد قامت بتسجيل النقاش وحدة التحقيقات في الجزيرة في مطعم داخل مدينة لندن في العام الماضي. يظهر في التسجيل كل من شاي موسات، المسؤول السياسي في السفارة الإسرائيلية، وماريا ستريزولو، المساعدة البرلمانية السابقة للنائب روبرت هالفون، وزير الدولة في وزارة التعليم والنائب السابق لرئيس حزب المحافظين.

أثناء حديثها مع المراسل المتخفي الذي انتحل صفة ناشط سياسي مؤيد لإسرائيل، تفاخرت ستريزولو كيف أنها وظفت هالفون، نائب البرلمان عن دائرة هارلو في إيسيكس، عندما كان نائبا في الصفوف الخلفية، “والآن انظر إليه، لقد أصبح وزيرا. إذا لست غاية في السوء!”

ثم ما لبث ماسوت، الذي وصف في سيرة ذاتية له على الإنترنت ماكيافيلي بأنه “إلهه”، أن سأل ستريزولو إن كان بإمكانها أن تقوم بعمل معاكس: “هلا أعطيتك أسماء بعض نواب البرلمان، لعلك تتمكنين من الإطاحة بهم؟”

أجابت ستريزولو، التي تشغل الآن وظيفة حكومية في بريطانيا، حيث تعمل في وكالة تمويل المهارات التابعة لوزارة التعليم، قائلة: “حسنا، كما تعلم، إذا ما تأملت جيدا، فأنا متأكدة من أنه ثمة ما يحاولون التستر عليه”.

قال ماسوت: “نعم، لدي بعض نواب البرلمان”.

قالت ستريزولو: “دعنا نتكلم عن ذلك”.

وجه ماسوت كلامه إلى المراسل المتخفي، قائلا: “لا، هي تعرف من هم النواب الذين أرغب في الإطاحة بهم”.

ستريزولو أجابت بأنه سيكون جيدا لو ذكرها بذلك، ثم قال ماسوت: “نائب وزير الخارجية”.

لم يفاجئ ذلك ستريزولو، التي أجابت قائلة: “هل ما زلت ترغب في المضي قدما بذلك؟”

قال ماسوت: “لا، إنه يسبب الكثير من المشاكل”.

ثم سردت ستريزولو حكاية قالت إنها عبارة عن مواجهة وقعت بين دانكان وهالفون، رئيسها في العمل، حيث ادعت أن دانكن هدد “بتحطيمه”. وزعمت أن هالفون رفع تقريرا بالحادثة إلى الويبس (النواب المكلفين بضبط زملائهم داخل البرلمان)، الذين نصحوه “بالتهدئة من روعه”.

ثم استمر النقاش حول ما ينبغي فعله بشأن دانكن، إذ يقول ماسوت: “لا تقل بتاتا أبدا. نعم، ولكن….” وهنا تقترح ستريزولو: “ربما فضيحة صغيرة؟”

أصبح دانكن مستهدفا من قبل إسرائيل في عام 2014 عندما شن هجوما لاذعا على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي قال إنها تمثل مزيجا شريرا من الاحتلال واللاشرعية، منظومة تشبه نظام الأبارتيد (التمييز العنصري في جنوب أفريقيا سابقا) وتجلل الحكومة الإسرائيلية بالعار.

مثّل خطابه في ذلك الوقت واحدة من أشد الهجمات التي تشن على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من قبل سياسي بريطاني رفيع المستوى.

قال دانكن: “المستوطنات عبارة عن مستعمرات غير قانونية أقيمت في بلد ناس آخرين. إنها بمثابة سرقة، والأدهى والأمر أنها شيء بادرت به وتدعمه دولة إسرائيل”.

ما جرى من نقاش بشأن دانكن هو جزء من ساعات من الحوارات التي سجلت على مدى شهور، التي تكشف كيف حاول ماسوت التلاعب بالنقاش الدائر حول إسرائيل وفلسطين، واستغلاله لصالح إسرائيل داخل حزب المحافظين الحاكم وفي حزب العمال المعارض.

حظي مراسل الجزيرة بثقة ماسوت، وتمكن من اختراق دائرته بفعالية، لدرجة أنه عرضت عليه وظيفة من قبل السفارة للمساعدة في مكافحة حركة بي دي إس في بريطانيا (التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها، وفرض العقوبات عليها).

ثمة استراتيجية ورد وصفها في التسجيلات على لسان أحد كبار أعضاء إيباك، منظمة اللوبي المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تقضي بالنأي ببريطانيا عن النزعة المؤيدة للفلسطينيين في أوروبا، وتقريب الموقف البريطاني من الموقف الأمريكي.

وتكشف تسجيلات السفارة عن مدى ما توصلت إليه إسرائيل من اختراق لحزب المحافظين، من خلال منظمة تدعى أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين، وهي المنظمة التي ينشط في صفوفها كل من النائب هالفون والسيدة ستريزولو.

تجلت قوة دعم المحافظين لإسرائيل في الأسبوع الماضي من خلال التصريح الذي أدلى به الناطق باسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي، التي بدت كأنها تنتقد الخطاب الأخير لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي قال فيه إن سياسة الحكومة الإسرائيلية تغذيها “عناصر متطرفة”.

وكان الناطق باسم رئيسة الوزراء صرح بما يلي: “لا نعتقد أنه من المناسب الهجوم على تركيبة الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في بلد حليف”.

كما تكشف التسجيلات عما يلي:

– سعت إسرائيل إلى زرع أسئلة موجهة إلى رئيس الوزراء؛ من خلال إملاء نصوص هذه الأسئلة على نواب البرلمان المكلفين بتوجيهها.

– ساعدت السفارة الإسرائيلية في بريطانيا على إقامة -وفي بعض الحالات قامت بشكل مباشر بتمويل- عدد من المنظمات التي تدعي الاستقلالية عنها، ومنها اتحاد الطلبة اليهود ومجموعة من الدبلوماسيين الطامحين يدعون “شبيبة الدبلوماسيين في لندن “، والتي يحتفظ ماسوت بمقعد في لجنتها التنفيذية.

– يرى الإسرائيليون أن وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون رجل “معتوه”.

ومما قالته ستريزولو إن جميع نواب البرلمان من حزب المحافظين “إلى حد كبير” هم أعضاء في مجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين، بمن فيهم رئيسة الوزراء تيريزا ماي، ووزير المالية فيليب هاموند، ووزير الخارجية بوريس جونسون.

كما ادعت لنفسها الفضل في حمل هالفون على توجيه سؤال إلى رئيس الوزراء في الفترة التي وقع فيها اختطاف وقتل ثلاثة فتيان من المستوطنين الإسرائيليين داخل الضفة الغربية على يد حماس في يونيو / حزيران من عام 2014. نجم عن تلك الحادثة توترات ما لبثت أن انتهت إلى شن إسرائيل هجوما على غزة في الشهر التالي، أفضى إلى مقتل ما يزيد عن ألفي فلسطيني، بحسب الأرقام التي نشرتها الأمم المتحدة.

وقالت ستريزولو، التي كانت وقتها في إسرائيل رفقة وفد من أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين: “وكنت على الهاتف أتحدث مع روب (هالفون)؛ لإقناعه بطرح سؤال على رئيس الوزراء داخل البرلمان، لكي يشيد.

وهنا قاطعها المراسل: “وهل فعل ذلك؟”

استأنفت ستريزولو الحديث قائلة: “نعم. كما تقدم بسؤال عاجل لكي… يحصل من الحكومة على بيان بشأن الأطفال الثلاثة”.

وكان هالفون تحدث عن الواقعة في البرلمان في الثاني من يوليو من عام 2014، موجها السؤال التالي إلى رئيس الوزراء دافيد كاميرون: “لقد رأى العالم جرائم القتل المأساوية والبشعة لثلاثة فتيان إسرائيليين، على الأغلب ارتكبتها حماس”.

“هل يبادر صديقي المحترم بمنح الحكومة الإسرائيلية كل دعم ممكن في هذا الوقت. وألا يتفق معي أنه بدلا من أن تبدي ضبط النفس، فإنه يتوجب على إسرائيل أن تفعل كل ما هو ممكن للقضاء على شبكات حماس الإرهابية، وهل يمنح الحكومة الإسرائيلية الدعم في ذلك؟”

أجاب كاميرون بأنه يعلم بأن هالفون “لديه عاطفة جياشة تجاه هذه القضايا”، ولكنه قال إن العمليات الأمنية تحتاج إلى أن تدار بعناية لتجنب مزيد من التصعيد.

وأضاف كاميرون: “إن من المهم جدا أن بريطانيا ستقف مع إسرائيل في سعيها لتقديم المسؤولين عن ذلك إلى العدالة..ينبغي البحث عن الأشخاص المسؤولين عن ذلك وتقديمهم للمحاكمة”.

كما كشفت ستريزولو النقاب عن أنها تقوم “بإعداد كل شيء” لنواب البرلمان، بحيث يصعب عليهم بعد ذلك أن يقولوا لها لا.

وقالت: “أنت تقوم حرفيا بإعداد كل شيء لهم، وهذا يزيد عليهم من صعوبة أن يقول الواحد منهم: “آه، لا، ليس لدي الوقت كما تعلم”. إذا كانت لديهم الأسئلة التي سيوجهونها في جلسة توجيه الأسئلة لرئيس الوزراء، فسيكون صعبا عليهم القول: “لا، لا، لا، لن أقوم بذلك”.

من جهته، يصف ماسوت، وهو رائد سابق في البحرية الإسرائيلية، موقعه في السفارة على أنه “وظيفة سياسية”، مبينا أنه لا يعتبر “دبلوماسيا من حيث المهنة”. وقال إنه يعمل لصالح وزارة الشؤون الاستراتيجية المثيرة للجدل، التي أنشأها نتنياهو للقيام بما جرى وصفه داخل إسرائيل بالحرب السرية ضد حركة بي دي إس.

وقال ماسوت إن مارك ريغيف، السفير الإسرائيلي الحالي في بريطانيا، كان صديقا، رغم أنه لمح في إحدى المرات بأنه يعتبره حمائميا جدا.

وقال: “مارك ريغيف لا يكف عن سؤالي طوال الوقت، نعم هو صديق حميم”.

“نعم، ولكن هذه هي المشكلة مع نتنياهو، فالناس الذين يحيطون به هم في العادة لطفاء في الواقع، مرتاحون، إنهم أناس مرتاحون. مارك شخص رائع، ولكنه ليس الشخص الذي سوف يذهب إلى الحرب”.

كل الأشخاص الذين ورد ذكرهم في الفيلم حاولت الجزيرة التواصل معهم للتعليق، ولكن لم يستجب منهم أحد حتى لحظة النشر. كما تواصل موقع “ميدل إيست آي” مع السفارة الإسرائيلية، ومع مكتب روبرت هالفون، وكذلك مع ماريا ستريزولو للتعليق، ولكن لم يستجب منهم أحد.

عن “ميديل إيست آي”