مقالات

مختصون: كل أحداث الشرق الأوسط مترابطة، وليس أمام الفلسطينيين سوى الصمود أمام صفقة القرن

عقد مجلس العلاقات الثلاثاء الماضي لقاءً حواريًا بعنوان “المشهد الإقليمي بين اغتيال سليماني وصفقة القرن وتداعياته على القضية الفلسطينية” بحضور نخبة من السياسيين وصناع القرار الفلسطينيين.

وافتتح اللقاء الباحث السياسي والأكاديمي الدكتور عدنان أبو عامر، مشيرًا إلى أن أحداث الشرق الأوسط رغم أنها تبدو متباعدة، إلا أنها متداخلة وكل حدث له تداعياته على كل المنطقة.

وقال رئيس المجلس الدكتور باسم نعيم في كلمته الافتتاحية للقاء أن الأحداث في المنطقة تصب في هدف واحد وهو افساح المجال لدولة الاحتلال لترسيخ وجودها في أراضينا المحتلة والتمدد في الإقليم على حساب أمتنا لتحقيق حلمهم الإستراتيجي “إسرائيل الكبرى”، منوهًا أن الشعب الفلسطيني هو أكبر المتأثرين بهذه الأحداث وتداعياتها. الدولية

من جانبه قال أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا الدكتور إبراهيم فريحات أن شكل المنطقة بقي كما هو بعد اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وأن اغتياله لم يغير من المعادلة الإقليمية.

وذكر فريحات أنه كان هناك محورين متصارعين قبل الربيع العربي وهما محور الاعتدال ومحور المقاومة، أما بعد الربيع العربي فقد تحطمت هذه المعادل، وبات هناك أربعة محاور فاعلة في الإقليم.

أول هذه المحاور، كما أشار فريحات، هو محور الثورات المضادة ويهدف إلى القضاء على حركات التغيير واستعادة الأنظمة الديكتاتورية، إلى جانب احتواء إيران واستئصال الإسلام السياسي. من جانبها تهدف دولة الاحتلال الإسرائيلي لاستغلال هذا المحور لتحقيق أهدافها باتجاه التوسع ومواجهة إيران.

أما المحور الثاني، حسب فريحات، فهو محور المقاومة الذي عاش فترته الذهبية وقت حكم أوباما الذي دعا إلى أن تعالج دول المنطقة قضاياها بنفسها، أما الآن فهذا المحور يعيش حالة ارتباك وتراجع بسبب استهداف قيادة المحور المتمثلة في إيران، ولكنه أضاف أنّ المحور ما زال محافظًا على وجوده رغم ذلك.

المحور التركي القطري هو ثالث المحاور التي أشار إليها الدكتور فريحات، حيث إن هذا المحور هو جزء من الربيع العربي ولكنه ما زال محافظًا على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة. وأشار فريحات إلى أن هذا المحور قد انسلخ عن دول الاعتدال العربي ويعمل في اتجاه آخر وهو استثمار حركات التغيير والإسلام السياسي، ويُعد نقيضًا لمحور الثورات المضادة.

ويشكل الفاعلون غير الرسميين المحور الرابع وهم المتمردون على المحاور الثلاثة آنفة الذكر ويتكون هذا المحور من داعش والقاعدة والحركات الأصولية وأنصار السنة.

وأشار فريحات إلى أن مستقبل المنطقة يتم تحديده نتيجة الصراع بين هذه المحاور الأربعة، فكل محور يحاول تشكيل المنطقة حسب روايته، منوهًا إلى ان حركة حماس تتأرجح بين محور المقاومة والمحور التركي القطري محاولة الحفاظ على العلاقة معهما.

أما السلطة الفلسطينية فقد كانت جزءًا من المحور الأول ولكن بعد فوز ترامب لم يبقَ لها مكان في هذا المحور وإلا كان سيعني دخولها في محور صفقة القرن، فهي الآن هذا المحور نتيجة لدخول “إسرائيل” اليه ولم يبقى لها الا ان تبني جبهتها الداخلية مع الوطن المحتل ليمكنها ذلك من الصمود أمام الضغوط الامريكية الاسرائيلية.

ونصح فريحات السلطة الفلسطينية بالصمود إلى موعد الانتخابات الامريكية في شهر نوفمبر حيث من الممكن التغيير في سياسة الإدارة الامريكية.

وحسب رأي فريحات، فإن إيران ستضطر للانتظار حتى الانتخابات الأمريكية القادمة ولن تقدم على أي أمر كبير، مستبعدًا أن تنفذ إيران في الفترة القادمة أي تهديدات لها، مشيرًا إلى أن انتخاب أي مرشح ديمقراطي قد يقلب المعادلة بالكامل.

أما ممثل حركة حماس في إيران الدكتور خالد القدومي فقال: “إذا كانت أضلع القوة الإيرانية تتمثل في القدرة الصاروخية والنووية فإن الضلع الثالث يمثله الجنرال سليماني وهو النفوذ الإيراني في المنطقة، وجاء الاغتيال ليهدد الوجود الإيراني في المنطقة.”

وقال القدومي بأن الأمريكيين يريدون تهيئة المنطقة والرأي العام لمرحلة جديدة، عنوانها ضرب رأس المقاومة وتكريس الغلبة للكيان الصهيوني وقد ساهم ابتزاز “إسرائيل” لأميركا في إقناع مصنع القرار الأمريكي في الدخول على خط التعامل العنيف مع إيران.

وأشار القدومي أن إيران ترى أن ثورتها دخلت مرحلتها الثانية بعد اغتيال سليماني، وأن الهدف من ضرب قاعدة عين الأسد كان ضرب الهيبة الأمريكية في المنطقة وعلى مستوى العالم.

ونوه القدومي إلى أن الهدف من صفقة القرن هو خلق واقع إقليمي جديد يفرض على كل الأطراف، وأتى اغتيال سليماني والذي هو جزء من هذه الصفقة كما ذكر ترامب نفسه في مقدمة خطابه وتبيان إنجازاته من محاصرة إيران واغتيال سليماني وما ذلك إلا محاولة لضرب الدعم الأساسي الذي يقف خلف المقاومة الفلسطينية.

وبعد فتح باب النقاش في نهاية الندوة، رأى المشاركون أن المطلوب الان توحيد الخطاب السياسي الفلسطيني وإطلاق يد المقاومة بكل أشكالها وقيام السلطة بمغادرة مربع الكلام والذهاب نحو نقض الاتفاقيات مع الاحتلال. وفي تعليقه على المشاركات من الحضور أكد فريحات أن المطلوب هو الصمود والوحدة وإنهاء الانقسام ووضع برنامج سياسي بين الفاعلين الفلسطينيين وتطوير أشكال النضال.

دراسة تدعو للعمل مع مرحلة ترامب بشكل يضمن إفشال فرص استثمار اسرائيل للوضع الراهن

صدرت عن مجلس العلاقات الدولية – فلسطين

دراسة تدعو  للعمل مع مرحلة ترامب بشكل يضمن إفشال فرص استثمار اسرائيل للوضع الراهن

غزة/  قسم الاعلام

صدرت عن مجلس العلاقات الدولية مؤخرا  دراسة بعنوان  مستقبل القضية الفلسطينية في عهد إدارة ترامب  تضمنت تحليلاً مستفيضاً  لأبعاد تولى الرئيس الامريكي ” ترامب ” ادارة البيت الأبيض وتأثير السياسات الامريكية الجديدة  على مستقبل القضية الفلسطينية والصراع الدائر مع دولة الاحتلال  .

وتحدثت الدراسة عن  الخطوات التي قام بها  ترامب منذ تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في 20 يناير 2017،  موضحة أن الرئيس الأمريكي أبدى اهتمامه بالصراع العربي الإسرائيلي، فاستقبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في منتصف فبراير الماضي.

ووفقا للدراسة ، فقد تمخض عن تلك الزيارة ما بات يُعرف الآن بالتحالف الأمريكي العربي السُني الذي يتم تشكيله الآن ليكون موجهاً ضد إيران على اعتبارها مصدر خطر شبه الوحيد على دول المنطقة، وذلك بهدف إدخال إسرائيل ضمن هذا التحالف وتطبيع العلاقات العربية معها، حيث جاءت زيارة ترامب للسعودية لتؤكد هذا التوجه.

وبينت الدراسة أن  هذا التصور الأمريكي لمستقبل منطقة الشرق الأوسط، يحتاج إلى إيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي، لأن القضية الفلسطينية باتت تقف عائقاً أمام التطبيع، لذلك استقبلت الإدارة الأمريكية زعماء كافة الأطراف العربية المعنية بالصراع لمساعدتها في تمرير رؤيتها، فزيارات ملك الأردن والرئيس المصري والرئيس الفلسطيني للبيت الأبيض جاءت في هذا السياق.

واوضحت الدراسة أن اهتمام الرئيس الأمريكي بلقاء غالبية زعماء العرب والمسلمين خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية، وما تبعها من زيارة وصفت بالتاريخية للأراضي الفلسطينية للقاء طرفي الصراع، يؤكد جدية الإدارة الأمريكية لعقد صفقة من شأنها أن تضع حداً للصراع العربي الإسرائيلي.

وتناولت الدراسة عدة محاور، بدءً من البحث في خلفية الرئيس الأمريكي الفكرية والسياسية، ومحددات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصراع العربي الاسرائيلي، مروراً بدوافع وأولويات ومواقف ترامب للتعاطي مع القضية الفلسطينية، وصولاً لأهم وأقرب السيناريوهات التي يمكن أن تسلكها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها في المنطقة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي على المستويين القريب والمتوسط.

وركزت الدراسة على ثلاثة سيناريوهات الأول سيناريو الحل الاقتصادي كبديل عن الحل السياسي والثاني  سيناريو الحل الإقليمي أو “صفقة القرن” والثالث  سيناريو استمرار الواقع الراهن

واشارت  الدراسة   الى  انه  وفقاً لما توفر من معلومات وشواهد وأحداث سياسية خلال الأسابيع القليلة الماضية تم تحليلها في متن الدراسة، فإن سيناريو الحل الاقتصادي البديل عن الحل السياسي قد حاز على أكبر وزن نسبي من بين السيناريوهات الأخرى، وقد جرى ترتيب السيناريوهات في الدراسة حسب وزنها النسبي.

وخرج مجلس العلاقات الدولية في دراسته بعدة توصيات اهمها ضرورة  قيام  القيادة السياسية والفصائل بمواجهة الانحياز الأمريكي الواضح لإسرائيل، من خلال العودة إلى الشعب الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية.

ودعت الدراسة قيادة السلطة التمسك بالقرارات الدولية المتعلقة بحل الدولتين، كما أن قرار مجلس الأمن 2334 من شأنه أن يعيق أي مخطط أمريكي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية.

وقال المجلس في دراسته إن استمرار تجاهل قيادة السلطة الفلسطينية للشعب الفلسطيني وفصائله المختلفة، يبرر أي جهود يمكن أن تقدم عليها الفصائل حول نزع الشرعية عن الرئيس عباس، فوثيقة حماس تمت قراءتها في الصحافة الغربية على هذا النحو.

واكدت الدراسة ان تصعيد المقاومة الشعبية مازال ممكناً لأنه سيعطي زخم لانتفاضة القدس، عبر اشراك حركة فتح في فعالياتها وتوقف السلطة الفلسطينية عن خطوات تفريغها من محتواها.

واكد  المجلس انه يجب على مكونات النظام السياسي الفلسطيني قراءة المشهد جيداً والعمل مع مرحلة ترامب بشكل ذكي بما يضمن إفشال فرص استثمار اسرائيل للوضع الراهن، من خلال تفعيل الحراك الفلسطيني والعربي والإسلامي وأحرار العالم لفرملة أي خطوات أمريكية، وعندما تدرك الادارة الأمريكية حقيقة الثمن الذي ستدفعه يمكن أن تتراجع عن مخططاتها المحتملة.

وشددت  الدراسة على اهمية بناء استراتيجية اعلامية تقوم على مرتكزات توضح خطورة سياسة ترامب على المصالح الامريكية في الشرق الاوسط وأمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا.

كما اكدت  على  ضرورة التواصل مع مكونات الشعب الامريكي ومؤسساته الفاعلة من خلال الدبلوماسية الشعبية والرسمية للضغط على الإدارة الأمريكية.

ونوهت الدراسة الى اهمية التفكير وطنياً وبشكل جدي في خيارات سياسية تتجاوز حل الدولتين، والتلويح بخيار الدولة الواحدة الديمقراطية، وبناء خطة سياسية واعلامية لتسويقها اقليمياً ودولياً كمدخل للحل.

رابط تحميل الدراسة: من هنا

إيران تستعين بعضلات الصين لتقوية عضلاتها

إيران تستعين بعضلات الصين لتقوية عضلاتها

هدى الحسيني

15 ديسمبر 2016م

لا شيء يجري في إيران يدعو إلى التساؤل، إن كان من ناحية الازدواجية أو القمع الداخلي الذي يقابله طموح عسكري وصل إلى الصين، إذ تخوض القيادة الإيرانية حربًا لا هوادة فيها لمنع الشعب الإيراني من الاطلاع على ما يجري داخل إيران أو في العالم لكنها حرب خاسرة. وفي حين تلجأ إيران إلى الأقمار الصناعية لتنقل الأقنية التي تمولها وتنشر آيديولوجيتها، مثل «العالم» و«المنار» و«الميادين»، فإنها تريد أن تحرم الشعب الإيراني من الخروج من الإطار «الفكري» الذي وضعته هذه القيادة، إذ في اجتماع لـ«العفة والحجاب» عقد في 13 من الشهر الماضي، قال قائد شرطة طهران إن السلطات الإيرانية صادرت خلال السبعة أشهر الماضية 713.546 من الصحون اللاقطة، و923.299 من المحولات المنخفضة الضوضاء، و10.766 من الأدوات التي تسمح باستقبال الأقمار الصناعية. وأضاف أن السلطات اعتقلت 293 شخصًا بتهمة تركيب الصحون اللاقطة، وتم تفكيك أو تعطيل 40 عصابة متكفلة بتوفير الاتصال بالأقمار الصناعية.

في ذلك الاجتماع اتهم المسؤول الإيراني عباس جعفري دولت آبادي مسؤولين آخرين بإعاقة جهود الشرطة والسلطات، ومنعها من مصادرة الصحون اللاقطة غير القانونية وغيرها من المعدات، وقال إن 60 في المائة من الإيرانيين يستعملون الصحون اللاقطة، ويحاول مكتب المدعي العام اتخاذ كل الإجراءات لجمعها، لكن هناك من «يحرم» الشرطة من القيام بعملها. وأشار جعفري دولت آبادي إلى أن حيازة أي من المعدات المرتبطة باستقبال ومشاهدة القنوات الفضائية هي ضد القانون.

إن حيازة هذه المعدات لا تُعتبر ضد القانون فقط، فالقيادة الإيرانية تعتبرها ضارة بـ«الأخلاق» العامة. وكان الجنرال محمد رضا تقوي قائد قوات الباسيج قال في 16 يوليو (تموز) الماضي بعد حملة مصادرة 100 ألف من الصحون اللاقطة: «إن هذه القنوات تسبب الزيادة في نسبة الطلاق، والإدمان، وانعدام الأمن في المجتمع، وتتسبب أيضًا باضطراب الأطفال فيبتعدون عن التعليم، وتحت تأثيرها يصبح سلوكهم غير لائق». وتفرض السلطات الإيرانية غرامة بقيمة 2.800 دولار على كل شخص لديه معدات تلفزيونية فضائية.

ويسود اعتقاد لدى المتشددين في إيران، بأن البث التلفزيوني عبر الأقمار الصناعية من الدول الغربية ودول الخليج العربي إنما هو جزء من حملة متعمدة لإشعال «الحرب الناعمة» ضد النظام الإيراني، وأن جميع البرامج موجهة وتهدف إلى تقويض دعم الشعب الإيراني للحكومة الإيرانية.

مقابل هذه المنع الداخلي، الذي يحرم الإيرانيين من التنفس خارج إطار آيديولوجية الجمهورية الإسلامية، تتطلع القيادة الإيرانية إلى الوصول إلى الفضاء لزيادة جهودها التجسسية التي تساعد في تثبيت تدخلها في الدول العربية.

إن زيارة وزير الدفاع الصيني تشانغ وان تشيوان إلى طهران في 13 من الشهر الماضي بدعوة من نظيره الإيراني العميد حسين دهقان، كانت أحدث مؤشر على زيادة التعاون في مجالات الاستخبارات والتعاون بين البلدين ومحاذاة الأهداف الاستراتيجية والاقتصادية والجيوسياسية في أوروبا وآسيا، وكذلك في الشرق الأوسط.

من المعروف أن إيران مهتمة بالحصول على الجيل الثالث من المقاتلات الصينية «تشنغدو» (J – 10B)، وأيضًا الطائرات الصينية من دون طيار، وصواريخ «كروز» المضادة للسفن والغواصات، وربما أيضًا على ترخيص يجيز لإيران تصنيع الدبابة الصينية (2000) وحتى الدبابة (3000).

وعلى الرغم من أنه لم ترد إشارة أثناء المناقشات الصينية – الإيرانية حول التعاون في المجالين العسكري والأمني، فإن التعاون في فضاء الأمن القومي أمر محتمل جدًا، إذ صار معروفًا، على سبيل المثال، أن شركة «سالران» الإيرانية للدفاع الإلكتروني وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي اتفاقًا مع شركات الدفاع والفضاء الصينية للبدء في استخدام مواقع القمر الصناعي الصيني (بيدو) في الملاحة، ومعدات التوقيت على الصواريخ الإيرانية، والطائرات دون طيار، والقدرات العسكرية الأخرى، وهذا سيؤدي إلى تحسين دقة الصواريخ الإيرانية وفعاليتها وفتكها. ويعرف المتابعون والمحللون الاستراتيجيون في الشرق الأوسط والغرب جهود التحديث التي تبذلها إيران على مجموعة واسعة من أنظمة الأسلحة لديها، وهي دلائل متزايدة على سعيها للتحول بعيدًا عن عقيدة عسكرية دفاعية باتجاه اعتماد أنظمة هجومية بغرض الإكراه والاعتداء.

مجالات التعاون العسكري والأمني بين الصين وإيران تأتي في شكل أقمار الاتصالات والمراقبة الأرضية ذات الدقة العالية. وتسعى إيران للحصول على قمر صناعي وطني للاستشعار عن بعد (National remote sensing satellite) والقمر الصناعي للاتصالات (National communications satellite). ويسود الاعتقاد بأن إيران تفكر في بناء قمرها الصناعي الوطني للاستشعار عن بعد الخاص بها، إنما تتطلع إلى مصانع أجنبية لإنتاج القمر الصناعي للاتصالات، وهناك حديث عن شركة صينية واحدة على الأقل مهتمة بتقديم عرض لهذا المشروع. وحتى في حال بناء إيران قمرها الصناعي الوطني للاستشعار عن بعد، فإن العلاقات الدفاعية والأمنية المزدهرة بينها وبين الصين يمكن أن تدفع الصين إلى توفير الخبرات المطلوبة والتكنولوجيا الرئيسية لمساعدة إيران في بناء هذا القمر الصناعي.

وفي حين أن نقل التكنولوجيا والخبرة هي السمة الرئيسية لأي علاقة دفاعية وأمنية، يمكن لعوامل أخرى أن تكون بالأهمية نفسها لبكين وطهران ودول أخرى. فعلاقة الاستخبارات تعني تبادل المعلومات الأمنية التي قد تشمل أيضًا توفير الصين لصور عالية الدقة من الأقمار الصناعية لإيران، وعلاوة على ذلك يمكن للبلدين تبادل البيانات الأمنية، والأساليب، وغيرها من المعلومات، حول تقنيات الفضاء المضادة والإجراءات وغيرها من المسائل الحساسة.

إذا حدث هذا، وعلى افتراض أنه لا يحدث بالفعل، فإن الآثار المترتبة عنه على أمن الشرق الأوسط ستكون جدًا مثيرة، إذا تبين أن لطهران إمكانية الوصول إلى بيانات حساسة دقيقة وخطيرة انطلاقًا من معلومات أمنية قدمتها الصين.

وحسب رأي أمنيين متابعين، ينبغي بالتالي أن يُنظر إلى هذه التطورات كجزء من تغيير سياسي في موقف الصين تجاه قضايا الشرق الأوسط، ولأن جزءًا كبيرًا من النفط الذي تعتمد عليه الصين يأتي من منطقة الشرق الأوسط غير المستقرة، يظهر واضحًا أن الصين تتحرك ببطء إنما بثبات، لجهة موقفها الحيادي من الأحداث الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

قبل عدة أسابيع، زار ضابط بحرية كبير من الجيش الشعبي الصيني دمشق بهدف تقديم الدعم الطبي للقوات العسكرية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، مما يشير أكثر وأكثر إلى أن الصين بدأت تتخذ مواقف غير حيادية.

إن العلاقة المتنامية مع إيران قد تكون دليلاً آخر على أن مشاركة الصين في مستقبل منطقة الشرق الأوسط لن تكون كما في السابق، مجرد علاقة عمل اقتصادي ومالي ونفطي لا غير.

إن ما يجري بين الصين وإيران هو نتيجة الاتفاق النووي بين الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، وإيران. روسيا أيضًا على شراكة مع إيران داخل سوريا، وهي على تقارب مع الصين، لكن كما يبدو فإن الصين استغلت انغماس روسيا بالحرب في سوريا، فقررت التسلل لقطف الثمار الإيرانية التي أنتجها الاتفاق النووي. وفي هذا الصدد قد تسبق الصين، أوروبا وأميركا وروسيا في الاستثمارات الإيرانية. لكن هل ستقبل دول أوروبا والشرق الأوسط بأن تكون تحت تهديد مراقبة فضائية غير دفاعية تخوضها ضدها الصين وإيران؟

وهل سيُسمح للصين بالانفتاح العسكري على إيران على حساب الاستثمارات العربية الخليجية في محطات التكرير لديها، وانفتاح الأسواق العربية الخليجية لمنتجاتها؟ أما إيران اللاهثة وراء الأطباق الفضائية، فإنها في خططها تبحث عن كتم شعبها وتخريب حياة شعوب الدول المجاورة لها، «على أمل» التحكم في تلك الشعوب ودولها عبر صواريخ مصنوعة بتكنولوجيا من كوريا الشمالية، وأنظمة صواريخ روسية، وأقمار صناعية صينية. وشعار «الموت لأميركا» سيبقى ملتهبًا حتى لو أن شركة «بوينغ» الأميركية أعطت صفقة 80 طائرة. فقد أقر الأميركيون، ومعهم الغرب، بأنهم لا يتقنون «اللغة الفارسية»، وبالتالي لا يفهمون أبعاد ذلك الشعار!

نقلاً عن الشرق الأوسط

تقدير: علاقات تركيا وإيران بالمقاومة تتأرجح بين البرود والتعاظم

أكد تقدير موقف أعده مجلس العلاقات الدولية على أن فصائل المقاومة الفلسطينية يمكنها أن تلعب دور إيجابي في الصراع الطائفي المُحتدم ومحاولة التنفيس من حالة الاحتقان لتوجيه الأنظار نحو القضية الفلسطينية.

وأوصى التقدير الذي جاء بعنوان “سلوك تركيا وإيران السياسي تجاه المقاومة الفلسطينية بين المصالح والمبادئ” بضرورة أن تتعامل القيادة الفلسطينية بموقف موحد تجاه كافة الأطراف العربية والإقليمية، وأن تدير الأطراف الفلسطينية خلافاتها مع إيران بطريقة مختلفة والتركيز فقط على أهمية القضية الفلسطينية بعيداً عما يحدث في الإقليم.

وأشار إلى أهمية تنويع العلاقات مع إيران وعدم اقتصارها كما السابق على المالي والعسكري، والضغط عليها للفصل بين موقفها من القضية الفلسطينية، وصراعاتها في الإقليم.

وفيما يتعلق بتركيا، أوصى التقدير بفتح أفاق جديدة للعلاقات مع تركيا في المجالين الاقتصادي والثقافي، واستغلال حالة التعاطف التركي مع القضية الفلسطينية، إلى جانب الأدوار التي يمكن لتركيا أن تلعبها في عدة ملفات أبرزها الانقسام الفلسطيني، وملف صفقة تبادل الأسرى، خاصةً بعد تطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع “إسرائيل”، مبيناً أن الوزن السياسي الكبير لتركيا يؤهلها لوضع حداً للانتهاكات الإسرائيلية تجاه المسجد الأقصى.

وطرح التقدير ثلاثة سيناريوهات لطبيعة العلاقة بين فصائل المقاومة وكل من تركيا وإيران على ضوء المعطيات الحالية، تقدمها تخلي تركيا وإيران عن دعم القضية والمقاومة، مضيفاً أن ذلك “يبقى وارد بالنسبة لعلاقات إيران بالمقاومة الفلسطينية وخصوصاً حركة حماس، لكن علاقة تركيا بحماس من الصعب مقارنتها بالعلاقة الحمساوية الإيرانية”.

وتابع أن “إيران كانت توجه غالبية دعمها نحو المال والسلاح، بينما تركيا تُركز دعمها نحو الاقتصادي والإنساني، وهو أمر لا يزعج الأطراف الأخرى بما فيها “إسرائيل”، لذلك وقف تركيا دعمها للمقاومة أمر يبدو مستبعد”.

وأوضح التقدير أن ما يُعزز هذا السيناريو فيما يتعلق بإيران هو حملها لراية فلسطين ونجاحها في ذلك لسنوات طويلة، لدغدغة مشاعر الرأي العام الإيراني والعربي، وتوقيع إيران لاتفاقها النووي مع الغرب الذي قلص من فرص مواجهتها مع الغرب أو إسرائيل لأنها أصبحت لاعب مهم ومقبول دولياً في الشرق الأوسط.

وأما تركيا فهي تمر بأزمات داخلية وخارجية متلاحقة وانهيار مبدأ “تصفير المشاكل” الذي انتهجته عام 2002، ما يمكن أن يدفعها نحو مراجعة مواقفها الإقليمية الحادة في الفترة القادمة، في ظل تأزم الوضع السوري.

وعلى ضوء ذلك من المحتمل أن تتجه تركيا نحو إعادة هيكلة العلاقات مع حركة “حماس” على وجه التحديد، لكن ذلك يمكن أن نطلق عليه “تراجع تكتيكي” لا تخلي، وفق التقدير.

والسيناريو الثاني: برود العلاقات وتحولها إلى علاقة عادية وهو الأقرب في الوقت الحالي بالنسبة لعلاقات إيران بقوى المقاومة، لكن علاقات الأخيرة مع تركيا أفضل حالاً، لكن الوزن النسبي لهذا السيناريو أقوى من السيناريو الأول.

وما يُعزز هذا السيناريو بحسب التقدير هو تراجع موقع القضية الفلسطينية في ظل تعدد الصراعات السياسية والطائفية في المنطقة، واستمرار الأزمتين السورية والعراقية وانشغال إيران وتركيا بمحيطهما الحيوي. كما أن تركيا حريصة على مراعاة حسابات التوازن مع إسرائيل وتخصيص دعمها في المجالات الاقتصادية والاغاثية.

وذكر التقدير بعض العناصر التي تنفي هذا السيناريو وأبرزها حرص إيران على استقطاب حركة حماس إلى جانب حلفاؤها المركزيين في المنطقة من أجل دعم مواقفها، كما أن دعم المقاومة الفلسطينية يمثل التزام قيمي بالنسبة لحزب العدالة والتنمية في تركيا.

والسيناريو الثالث: تعاظم الدعم التركي الإيراني للقضية الفلسطينية، وهذا السيناريو له وزن نسبي أكبر من السيناريو الأول لذلك يمكن القول أن علاقات تركيا وإيران بالمقاومة ستتراوح بين السيناريو الثاني والثالث.

بالنسبة لتركيا فإن علاقتها مع المقاومة الفلسطينية ما تزال في إطارها الداعم، فهي حريصة على تقديم دعمها الاقتصادي والاغاثي والإعلامي، وما يُعزز هذا السيناريو أهمية حماس والجهاد الإسلامي الكبيرة في برنامج المقاومة التي تبنته إيران، وهو ما أعطى تحالف المقاومة زخماً على الساحة الإقليمية، بالإضافة إلى عدم وجود فصيل فلسطيني بديل يمكن لإيران أو تركيا الاعتماد عليه.

وبين التقدير أن ما يرجح هذا السيناريو أن المقاومة الفلسطينية هي مفتاح دخول القوى الإقليمية للقضية الفلسطينية، خاصةً وأن قطاع غزة يمثل الحلقة الأهم كونه الوحيد الذي لديه القدرة على إحراج “إسرائيل”.

لتحميل التقدير وقراءته برجاء الضغط هنـــــا