تضامن أفريقيا ركيزة أساسية في الكفاح الفلسطيني

تضامن أفريقيا ركيزة أساسية في الكفاح الفلسطيني

د. موسى أبو مرزوق

عضو المكتب السياسي لحركة حماس

ترجمة خاصة – مجلس العلاقات الدولية – يعج هذا بالعام بالذكريات المؤلمة  المؤلمة للشعب الفلسطيني ، قبل مئة عام، أعلن آرثر بالفور – الذي ضرب ضربة استعمارية – فلسطين وطنا يهوديا، وبالتالي بدأ الهجوم الصهيوني الاستعماري في بلادنا.

كما أن هذا العام ال 70 من بداية النكبة، حيث سُرق 78٪ من وطننا وأجبر 000 600 منا على أن يصبحوا لاجئين – غرباء في وطننا، باحثين عن ملجأ في أماكن أخرى، بينما استولت على أرضنا قوات استيطانية .

ويصادف هذا العام أيضا 50 عاما منذ بدء النكبة الثانية ضدنا،وهي  احتلال إسرائيل عام 1967 لما تبقى من اراضي الوطن وهي 22٪ ، حيث تمارس إسرائيل السيطرة الكاملة على حياة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس.

هذا وهو أيضا الذكرى العاشرة لحصار إسرائيل على قطاع غزة وإغلاق حدودها وخلق أكبر سجن في الهواء الطلق في العالم، وإطلاق ثلاث حروب كانت في الغالب جوية على هذه الأرض .

وسنكمل قريبا 25 عاما منذ بداية اتفاقية أوسلو، وهي عملية فارغة الوفاض تدعي أنها تسعى لاقرارحق الفلسطينين في تقرير المصير ، ولكنها كانت في الواقع ذريعة لإسرائيل لإنشاء بانتوستنات (وهي محميات كانت لسكان جنوب أفريقيا وتعتبر من مظاهر التميز العنصري) فلسطينيين يتم السيطرة عليها من قبلهم. لم تكن أوسلو صفقة تقوم على توازن القوى وانما وطالبت بتسليم الجانب الأضعف.

هذه “المفاوضات” خدمت إسرائيل بشكل جيد، مما سمح لها بكسب الوقت لنفسها  بينما أقامت المزيد من االمستوطنات الاستعمارية على الأراضي الفلسطينية، حيث قامت بسرقة الأراضي لبناء المستوطنات والتي تعتبر انتهاك للقانون الدولي وقد قامت بإنشاء 700،000 مستعمرة في هذه المستوطنات غير المشروعة. وقد تعرض الفلسطينيون لنقاط التفتيش وسور الفصل العنصري الذي قسم الضفة الغربية إلى مئات الجزر المحاطة ببحر من السيطرة الإسرائيلية.

لقد تم تجريم المقاومة الفلسطينية للاحتلال العسكري الإسرائيلي، واستطاعت السلطة الفلسطينية الحفاظ على أمن الاحتلال الصهيوني من خلال التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.

على ماذا حصل الفلسطينيون خلال 25 سنة من المفاوضات؟ التأكيدات العامة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه لن تكون هناك دولة فلسطينية أبدا، وأن الفلسطينيين لن يمتلكوا الحق أبدا في تقرير المصير.

وقد اعترف وزير الخارجية الاميركي السابق جون كيري بان “الحكومة الاسرائيلية الحالية صرحت علناً انها ليست دولة فلسطينية”. وتحدثت الحكومة الإسرائيلية قائلة بإن اختيارها هو استمرار الاحتلال والفصل العنصري .

ويجب على العالم أن يستجيب لهذا القرار بعزلها ،كما قد قام العالم  سابقاً بالرد على الفصل العنصري في جنوب افريقيا بتطبيق العزلة، وقد استجابت العديد من الحركات الاجتماعية في جميع أنحاء أفريقيا لهذه الدعوة. لقد دأب المجتمع الديني والمدني والسياسي في جنوب أفريقيا على دعم النضال الفلسطيني.

ويؤيد مجلس الكنائس في جنوب أفريقيا ومجلس الكنائس المستقلة الأفريقية والكنيسة الكونغولية المتحدة للجنوب الأفريقي مقاطعة إسرائيل إلى أن تفكك نظام الفصل العنصري، كما ان جامعة كيب تاون ستبدأ قريبا في تنفيذ مقاطعة أكاديمية لإسرائيل.

وقبل أقل من شهرين، تم تأجيل القمة الأفريقية – الإسرائيلية، التي كان مقررا عقدها في توغو في تشرين الأول / أكتوبر، إلى أجل غير مسمى بعد تعبئة وحشد الكثيرين من جانب جماعات المجتمع المدني الأفريقية والفلسطينية وبعض الحكومات الأفريقية. وكان جنوب افريقيا من بين اول من يعلن المقاطعة. وتابعت المغرب ومصر وتونس والجزائر حذوها وضغطت على الدول الأخرى لفعل الشيء نفسه.

وتعتبر توصية المؤتمر الوطني الافريقي في مؤتمر السياسة الذي عقده في وقت سابق من هذا العام، حول خفض مستوى علاقات جنوب افريقيا مع الفصل العنصري الإسرائيلي، الخطوة التالية في الاستجابة الأفريقية ضد الاستعمار الإسرائيلي. وفي كانون الأول / ديسمبر، ستناقش لجنة المؤتمر الوطني الإفريقي تلك التوصية. وسوف تكون هذه الخطوة تقليداً للقرار الذى اتخذته دول عديدة فى السبعينات والثمانينات من القرن الماضى بتخفيض العلاقات مع الفصل العنصري في جنوب افريقيا.

إن اعتماد المؤتمر الوطني الأفريقي لهذا القرار سيشكل بداية مرحلة جديدة – على الصعيد العالمي – في النضال من أجل عزل الدولة الإسرائيلية العنصرية وتحرير الشعب الفلسطيني.

ومن الواضح أن أبناء جنوب افريقيا لم ينخدعوا بالخطاب الإسرائيلي بشأن الحوار والمفاوضات في الوقت الذي يواصل فيه انتهاك القانون الدولي وحقوق الملايين من الفلسطينيين وارتكاب جرائم حرب.

عندما كنت في جنوب أفريقيا قبل عامين، وكجزء من وفد قيادة حماس الذي استضافه المؤتمر الوطني الأفريقي، ذكرني نشطاء هناك بأن القوى الغربية رفضت في البداية دعم عمل اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1962 هذه الدول القوية، ومعظمها من المستعمرين السابقين وحلفائهم، قالوا إن مقاطعة الفصل العنصري ليست ضرورية؛ وفضلوا “المشاركة البناءة”.

وقد تركت إلى الجزائر وغانا وغينيا ونيجيريا والصومال وغيرها من بلدان الجنوب للضغط من أجل فرض عقوبات دولية.

والأن الشعب الفلسطيني  يتطلع إلى جنوب أفريقيا وأفريقيا للدعم في نضاله ضد الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري. ظلت حركات التحرير الأفريقية والفلسطينية تقف طويلا في التضامن المتبادل من أجل تقرير المصير، في حين أن إسرائيل تدعم باستمرار الأستعمار والقوى الاستعمارية الجديدة في القارة.

بعد قرن من وعد بلفورو بعد مرور 70 عاما على النكبة وبعد 50 عاما من الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس وغزة وعشر سنوات من الحصار اللاإنساني على غزة، نحن الفلسطينيون لا نزال هنا، مصممين كما كنا في أي وقت مضى لتحقيق حريتنا. إن تضامن أفريقيا هو ركيزة أساسية في كفاحنا.  و”المشاركة البناءة” ليس لها مكان في هذا التضامن، نحن نعتمد على حلفائنا الأفارقة لدعم مقاومتنا عن طريق عزل الفصل العنصري الإسرائيلي.